الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
الله أكبر عدد ما صام صائم وأفطر، الله أكبر، عدد ما هلل مهلل وكبر، الله أكبر عدد ما طافوا البيت الحرام، الله أكبر كلما سكبوا الدموع بين الملتزم والمقام، الله أكبر كلما يمموا عرفة ملبين، الله أكبر كلما سعوا بين الصفا والمروة ذاكرين. الله أكبر كلما ذكروا الله عند المشعر الحرام خاشعين، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الحمد الله الذي سهل لعباده طريق العبادة، ويسر وأفاض عليهم من خزائن جوده التي لا تحصر، وجعل لهم عيدا يعود عليهم ويتكرر، نقاهم به من درن الذنوب، وطهر، ثم أعقب شهر الصيام والقيام بأشهر الحج إلى بيته الحرام ؛ليوالي على عباده المؤمنين المزيد من الإنعام. أحمده سبحانه على جوده المدرار، وأشكره على نعمه الغزار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الإله الحق المبين، له الأسماء الحسنى، والصفات العلى، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، السراج المنير، صاحب المقام المحمود، واللواء المعقود؛والحوض المورود، نبي نصره الله بالرعب مسيرة شهر، وقام بعبادة ربه وشكر، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأعطاه مولاه ما تمناه، ومع ذلك قام بعبادة ربه حتى تفطرت قدماه، اللهم صل على عبدك ورسولك، وخليلك مالاحت الأنوار، وتعاقب الليل والنهار، وعلى آله المقربين الأطهار، وعلى جميع أصحابه الطيبين الأبرار وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فيا عباد الله، اتقوا الله-تعالى- واشكروه على نعمه التي لا تحصى، وآلائه التي تترى، ألا وإن يومكم هذا يوم شريف فضله الله، وشرفه، وجعله يوما سعيدا لأهل طاعته، يفيض عليهم فيه من جوده وكرمه، ويزيدهم من فضله وإحسانه، فاشكروه على إكمال عدة الصيام، واذكروه وكبروه على ما هداكم وحباكم من نعمة الإسلام، واعبدوه حق عبادته، أفردوه بالعبادة وحده ؛لأنه خلقكم لذلك يقول سبحانه: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].
فيجب علينا لله غاية الذل والمحبة، والإنابة والإقبال عليه، والإعراض عن كل من سواه، وإخلاص العمل لوجهه الكريم، ولا يستهوينكم الشيطان بصرف شيء من أنواع العبادة لغير الله، كالدعاء والنذر، والاستعانة والاستغاثة والخوف، والرجاء، والرغبة، والرهبة، ونحو ذلك من أنواع العبادة، فإن الله لم يجعل بينه وبين عباده وسائط، فهو العالم بالظواهر والسرائر، وهو المطلع على مكنون الضمائر يعلم حاجتهم إليه، ويعلم ما توسوس به نفوسهم، وقد أمركم بالتضرع إليه، وسؤاله وحده، ووعدكم الإجابة فقال سبحانه:{ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]. وقال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } [البقرة: 186].
ونهانا عن دعاء غيره كائنا من كان، فقال سبحانه: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا } [الجن: 18]. فكيف يجرؤ مسلم ويخالف أمر الله ويدعوا غير الله؟! وهو سبحانه يقول: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } [فاطر: 13، 14].
لقد كان المشركون يعبدون الأصنام، ويدعون الأولياء والصالحين، ويطلبون منهم المدد والحوائج، فلما أنكر عليهم رسول الله r قالوا: { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3]. لمالهم من المنزلة والجاه عند الله، فأنكر الله عليهم وأنزل على نبيه في قولهم هذا قوله سبحانه:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2) أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ } [الزمر: 2، 3].
فتأملوا -عباد الله-كتاب ربكم تفلحوا، وتفهموا سنة نبيكم تهتدوا، وحافظوا-عباد الله-على الصلاة، فإنها عماد الدين، وهي صلة بين العبد وربه، من حفظها فقد حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، أدوا زكاة أموالكم طيبة بها نفوسكم، فإنها ركن من أركان دينكم، وصوموا شهركم، وحجوا بيت ربكم، وعليكم ببر الوالدين، فإنه أعظم الحقوق بعد حق الله، وحق رسوله. يقول سبحانه: { أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ } [لقمان: 14].
وعليكم بصلة الأرحام، والإحسان إلى الفقراء والأيتام، والصبر على أقدار الله، فإنه لا إيمان لمن لا صبر له، واجتنبوا الربا، فإنه من الموبقات، وصاحبه محارب لله ورسوله، يقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 278، 279].
واحذروا -عباد الله -من بخس المكاييل، والموازين، والمقاييس، والغش والخداع في المعاملات والأيمان الكاذبة، ووقروا اليمين بالله في الخصومات فقد قال r: «من اقتطع مال امرئ مسلم بيمينه، لقي الله وهو عليه غضبان. قالوا:وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟قال:ولو كان قضيبًا من أراك». واحذروا الإفك والبهتان، وشهادة الزور، وإياكم والفخر والخيلاء والكبر والازدراء، وعليكم بالتواضع، وخفض الجناح، والتواصل والتودد وعدم التقاطع.
عباد الله: اشكروا الله على نعمة الإسلام، وتمسكوا به وافرحوا بهدايتكم إليه: {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } [يونس: 58].
إنه لا سعادة للبشرية إلا في ظل الإسلام وتطبيق أحكامه وتعاليمه، يقول سبحانه:{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].
إن التمسك به يكفل لكم السعادة والسيادة والعز والتمكين والنصر المبين والرفعة والكرامة، لو أعدنا نظرة إلى صدر الإسلام لتبين ذلك لنا جليا، فلقد كان العرب قبل الإسلام في جهل عظيم، وشقاء مرير، فلما من الله عليهم بالإسلام وتمسكوا به وقاموا بواجبه ؛صاروا -هم ومن شرفهم الله به وهداهم إليه من غير العرب-قادة العالم في العز والكرامة، والعلم والحضارة، والأمن والسعادة، والأخلاق السامية، وصاروا أهل السيادة على العالم بعدلهم وإنصافهم للمظلوم من الظالم، واستولوا على الممالك والشعوب بصدقهم، ووفائهم وقيامهم بأمر الله، ونصرة دينه{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحج: 40].
فلما انحرفت أكثر القيادات، وجمهرة الشعوب في البلاد الإسلامية عن حقيقة الإسلام، وعن المنهج السوي، والهدي النبوي، أصبح واقع المسلمين مؤلما جدا بسبب إعراضهم عن حقيقة دينهم، ونهج سلف هذه الأمة، اكتفى الكثيرون منهم بالتسمي بالإسلام، والأسماء لا تجدي شيئا عن الحقائق، فالله يعلم السر وأخفى، فلما عدلت تلك القيادات عن تحكيم شريعة الله ؛نتج عن هذا التفكك في قيادة الأمة الإسلامية، وعدم وئام بين الشعوب وحكامهم، وساد بينهم التفرق، والاختلاف، والعداوة، والبغضاء، وهذه سنة الله في خلقه يقول ابن عباس رضي الله عنهما: (( وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل الله بأسهم بينهم )).
وإنا نبتهل إلى الله جل شأنه أن يرد المسلمين إلى حقيقة دينهم، وأن يعتصموا بحبل الله جميعًا، ويحكموا شرع الله في أرض الله على عباد الله، وإنا نحمد الله ونشكره على ما من به على هذه البلاد من الأمن والطمأنينة، ورغد العيش بسبب قيام حكامها، وولاة أمورها بتحكيم شريعة الله، وتطبيق أحكامها على شعبها المسلم المغتبط بذلك؛ فانتشر العدل بذلك في ربوعها، والأمن في أرجائها فكانت –والحمد لله- مأوى لكل مضطهد في دينه، أو ماله أو كرامته، حفظ الله ولاة أمورها، وسدد خطاهم، ووفقهم لجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى، إن واقع البلاد اليوم يذكرنا بقول النبي r: « إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها ». وفي لفظ مسلم: « إن الإيمان ليأرز بين المسجدين ».
أيها المؤمنون، إن الاستقامة على الطاعة من أهم الأمور، ومن علامات قوة الإيمان والقبول، وإن الإعراض عن طاعة الله دليل على ضعف الإيمان، فاستقيموا كما أمرتم في جميع الأوقات، ولا تعرضوا عن إلهكم بعدما أقبلتم عليه في شهر الصيام والقيام، فالإله المعبود في رمضان هو المعبود في كل آن.
أيتها المرأة المسلمة: اتقي الله، وحافظي على ما أوجب الله عليك في دينك، وحافظي على أمانتك، وما استرعاك الله عليه من حقوق الزوج، وأهل بيتك، عودي أولادك على طاعة الله، وأداء الصلاة، والتمسك بآداب الإسلام عوديهم على الصدق والأمانة، ومكارم الأخلاق، حذريهم من الكذب والغيبة والنميمة والسباب والفسوق وقول الزور، اتقي الله في جيرانك، كفي الأذى عنهم، وأحسني إليهم، هنئي مسرورهم بسروره، وعزي مصابهم بمصيبته، وتفقدي حاجتهم وأعينيهم، تجنبي منكر القول وزوره، ابتعدي عن الفحش والبذاء، والغيبة والنميمة، احذري من الوقوع في أعراض المحصنات الغافلات المؤمنات، حافظي على كرامتك، وعرضك، لا تخرجي إلى الأسواق متبرجة متطيبة، لا تزاحمي الرجال في أسواقهم ومتاجرهم، ولا تسرفي في حفلات الزواج والأفراح، إن الله لا يحب المسرفين، لا تكلفي زوجك ما لا يطيق من النفقة والكسوة، والأسفار والزيارات، حافظي على حق زوجك في فراشه، وماله لتحصل لك سعادة الدنيا والآخرة، فقد ورد في مسند الإمام أحمد وغيره عن عبد الرحمن بن عوف t قال: قال رسول الله r: « إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت ».
عباد الله: تذكروا باجتماعكم هذا يوم يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، يوم تتطاير الصحف بالأيمان والشمائل: { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (11) وَيَصْلَى سَعِيرًا } [الانشقاق: 7 - 12].
في ذلك اليوم:{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ } [عبس: 38 - 41].
فرحم الله امرءًا أعد لذلك اليوم عملا صالحا، وتوبة صادقة تمحو ما سلف من ذنبه فإن الله يفرح بتوبة عبده، ويعفو عن زلـله: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [الشورى: 25].
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين، من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
أول الخطبة الثانية
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، سبحان بارئ البريات، وفاطر الأرض والسماوات، فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون، وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون.
الحمد لله معيد الجمع والأعياد، ومبيد الجموع والأجناد، رافع السبع الشداد عالية بغير عماد، وماد الأرض ومرسيها بالأطواد، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد، أحمده سبحانه على نعمه الوافرة، وأشكره على آلائه المتكاثرة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أدخرها ليوم المعاد، وأرجو بها النجاة في يوم التناد، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، شرَّع الشرائع، وسنَّ الأعياد، وقرر الملة وأشاد، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه البررة الأوفياء، والسادة الحنفاء، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله-تعالى-حق التقوى، اتقوه حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، اتقوه في عباداتكم، وفي معاملاتكم، وفي ولاياتكم، إن تقوى الله-U -هي وصية الله لعباده المؤمنين الأولين والآخرين، يقول سبحانه:{وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ } [النساء: 131].
إن تقوى الله تنجى من عذاب الجحيم، وتوصل إلى دار النعيم، واعلموا عباد الله أن داركم هذه دار ممر، وليست بدار مقر، فتزودوا من ممركم لمقركم، فإنكم حينما تخرجون من قبوركم أحوجُ ما تكونون إلى عمل صالح ينجيكم من عذاب الله، في ذلك اليوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وفي ذلك اليوم توزن أعمال العباد وزنا:{ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [النجم: 31].
وعليكم باتباع سنة نبيكم، وهديه، والسير على نهجه، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، واحذروا الكذب والغيبة والنميمة وشهادة الزور، وأكل أموال الناس بالباطل، والأيمان الكاذبة، وأكل أموال اليتامى، ولا تبخسوا الناس أشياءهم، ولا تعثوا في الأرض مفسدين، وحسّنوا أخلاقكم في كل وقت وحين، وفي مثل هذا اليوم آكد؛ لأنه يوم سرور وفرح، فلا تكدروا سروركم بإظهار بعض المضايقات من البعض، وعليكم بالتسامح، وخفض الجناح، والتواضع، فإن التواضع من خصال المتقين، وإفشاء السلام والبداءة به، ففي الأثر « البادئ بالسلام برئٌ من الكبر » .
وفي الحديث عنه r أنه قال: «ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم ».
ارحموا صغيركم، ووقِّروا كبيركم، واحترموا من له حق الاحترام، عوِّدوا أنفسكم على الصبر والتحمل وحسن الخلق، فما وضع في الميزان يوم القيامة أثقل من حسن الخلق، واجعلوا نصيبًا من أموالكم لمساندة المجاهدين في سبيل الله، الذين يقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا، فإن البذل في سبيل الله نوع من الجهاد في سبيله يقول r: « من جهز غازيا فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا » .
وانظروا بعين العطف والرحمة إلى إخوانكم من المسلمين الذين مسهم الضر بسبب الجفاف في بلادهم، فقد نضبت مياههم، وتلفت أشجارهم، وهلكت مواشيهم، وصاروا في شدة من الأمر، وضيق من العيش، وقد فتك بهم الجوع والمرض، فاجعلوا شيئا من أموالكم لمساندتهم، وإنقاذهم رحمة بهم، وعطفا عليهم، وشكرا لله على ما أمدكم به من النعم، أدّوا شكر الله على نعمه بالعطف على المعوزين، والمنكوبين، فقد وعد الله الشاكرين بالزيادة، وتوعد الكافرين بنعم الله بالعذاب الشديد يقول سبحانه: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7].
عباد الله: إن نبيكم r قد ندبكم إلى صيام ستة من شوال كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي أيوب t أن رسول الله r قال: « من صام رمضان، ثم أتبعه ستًا من شوال كان كمن صام الدهر ».
عباد الله: إن رسول الله r فرض زكاة الفطر صاعا من طعام، أو صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، أو صاعا من أقط، أو صاعا من زبيب، وإذا أخرجت مما اعتاد الناس أن يقتاتوه فهو أنفع لحالة الناس اليوم، فإن غالب قوتهم الأرز، فإخراجه منه أولى.
فرضها رسول الله طُهرة للصائم من اللغو والرفث، وطُعْمة للمساكين، وهي فرض على الكبير والصغير، والذكر والأنثى، والحر والعبد من المسلمين.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله: إن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد r، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار، فاحذروا عباد الله من الجفاء في الدين والغلو فيه، فإن دين الله بين الغالي والجافي، ألا وصلوا على خير البرية أجمعين، ورسول رب العالمين، وسيد الخلق الأولين والآخرين، فإن الله أمركم بذلك:{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].
اللهم صِّل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين؛ الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون:أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن الستة الباقين من العشرة المفضلين، وعن أهل بدر، وبيعة العقبة، والمهاجرين الأولين، وأصحاب الشجرة، وعلى جميع المهاجرين والأنصار، ومن سار على نهجهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بفضلك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذلّ الشرك والمشركين، والشيوعيين، والملحدين، ودمر اليهود وأعوانهم وسائر الكفرة المعاندين، الذين يصدون عن سبيلك، ويعادون أهل دينك، اللهم فرّق كلمتهم وشتّت شملهم يارب العالمين، اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم قوِّ عزائمهم، وسدد سهامهم، وآراءهم، واجمع كلمتهم، على الحق والهدى، يا أرحم الراحمين، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، وألِّف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم، واهدهم سبل السلام، اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين، اللهم وفقهم لتحكيم كتابك وسنة نبيك، والعمل بشريعتك، اللهم أَرِهْم الحق حقا وارزقهم اتباعه، وأرهم الباطل باطلا وارزقهم اجتنابه، اللهم احفظ إمام المسلمين وأيده بتأييدك وأعزه بطاعتك وأيده بالإسلام وأيد الإسلام به، اللهم وفق ولاة أمورنا لهداك واجعل عملهم في رضاك، اللهم اجمع بهم كلمة المسلمين على الحق، اللهم ارزقهم البطانة الصالحة التي تعينهم على الحق، وتذكرهم به يارب العالمين، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله:{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } [النحل: 90، 91].
المرفق | الحجم |
---|---|
1خطبة عيد الفطر.doc | 104.5 كيلوبايت |