بسم الله الرحمن الرحيم
ترجمة العالم الجليل
الشيخ عبد الكريم بن علي البكري -رحمه الله-
* اسمه ونسبه:
هو عبد الكريم بن علي بن سليمان بن علي البكري من بني ثور من قبيلة سبيع المعروفة في الجزيرة, وهي من بني عامر بن صعصعة من هوازن, القبيلة العدنانية المشهورة.
ووالدته هي شايعة العمير من آل سويلم من العرينات من قبيلة سبيع أيضاً.
* ولادتــــــــه:
ولد في مدينة البكيرية, إحدى مدن منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية في حدود سنة (1290ﻫـ) .
* أسرتــــــــــه:
كانت أسرته تسكن في بلدة عيون الجواء - شمال منطقة القصيم-, ثم إن أحد أجداده انتقل منها واستوطن مدينة البكيرية في أوائل القرن الثالث عشر واستمر فيها هو وذريته من بعده, حتى صار والد المترْجَم له من أعيان مدينة البكيرية ووجهائها، وكان يشتغل بالتجارة, وقد اشتهر بشهامته وكرمه وعبادته وصلاحه, وكان ذا عناية بالغة بتربية أبنائه, وحرص على تنشئتهم نشأة دينية علمية, فكان له سبعة أبناء ذكور، فوجههم إلى طلب العلم الشرعي, فكانوا كلهم يطلبون العلم على عالم البكيرية وقاضيها آنذاك, ولكن لم يشتهر منهم بطلب العلم إلا اثنان فقط, وهما: المترْجَم له, وأخوه الشيخ عبد العزيز, حيث كان هذا الأخير معروفاً بالعلم, وله جهود في الوعظ والإرشاد والتوجيه في منطقة القصيم, توفي سنة (1372ﻫـ) وله أبناء يسكنون الآن في مدينة بريدة قاعدة منطقة القصيم .
كما كان للمُتَرْجَم له خمس أخوات, اشتهرن بالصلاح والعبادة, أصغرهن والدة الشيخ محمد بن عبد الله بن سبيل إمام وخطيب المسجد الحرام, وكانت تحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب, وذات صلاح وعبادة, وقد توفيت بمكة سنة (1394ﻫـ) وهي آخر من مات من إخوان وأخوات المترْجَم له .
أما والده فقد توفي في سنة (1300ﻫـ) أي والشيخ في حدود العاشرة من عمره, فكان بعد ذلك تحت كفالة أخيه الأكبر سليمان .
* طلبه العلم ورحلاته:
عند بلوغه سن التمييز أدخله والده كُتَّاب المدينة, فتعلم فيه مبادئ القراءة والكتابة, وحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب, ثم شرع بعد ذلك بطلب العلم على عالم البكيرية وقاضيها آنذاك الشيخ / رميح بن سليمان آل رميح, فقرأ عليه في مبادئ العلوم الشرعية في التوحيد, والحديث, والفقه, ثم تطلع لطلب العلم خارج بلده, فسافر وهو في العشرين من عمره إلى الرياض, فقرأ على بعض مشايخها في التوحيد والفقه والحديث والتفسير وغيرها, وقد حبب إليه - رحمه الله- علم الحديث أكثر من غيره من العلوم الشرعية, فحمله ذلك إلى السفر إلى الهند حيث كانت تزخر بكثير من المحدثين الكبار آنذاك, فمكث بها عدة سنوات, يقرأ فيها على عدد من علمائها في الحديث والتفسير وغيرهما حتى تمكن في علم الحديث, وصار له فيه اطلاع واسع, وكان أثناء إقامته هناك يحرص على بيان حقيقة دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله وأنها دعوة إلى إخلاص الدين لله وحده, والسير على نهج السلف الصالح, ومن حكمته في بيان ذلك أنه حمل معه عدداً من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب, ومن أهمها كتاب التوحيد, فكان يقرأ فيها في أوقات فراغه, فدخل عليه مرة في غرفته أحد مشايخه وكان معه كتاب التوحيد يقرأ فيه, وقد أزال عن الغلاف الذي فيه اسم الكتاب واسم المؤلف قصداً, فلما رآه معه شيخه طلبه منه وأخذ يقرؤه وأعجب به كثيراً, وسأله عن المؤلف فلمّا تحقق المترجم له من إعجاب شيخه بالكتاب أخرج له الغلاف وعليه اسم الكتاب واسم مؤلفه, فاستغرب شيخه أن يكون هذا من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب, وأظهر ندمه وأسفه على أنه لم يكن يعرف حقيقة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لأنه كان يقع فيه, وأخذ يترحم عليه ويدعو له, وصار يبين للناس حقيقة دعوته وأنه على منهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين, وأنه على خلاف ما يقول عنه أعداؤه من الأباطيل التي تنسب إليه .
فبقي المترجم له عدة سنوات يطلب العلم في الهند, ثم عاد بعدها إلى الخليج, واستقر في إمارة عجمان لنشر العلم والدعوة إلى الله تعالى .
* جهوده في الدعوة ونشر العلم:
لما عاد الشيخ من الهند رأى أن يقيم في الخليج لنشر العلم والقيام بالدعوة إلى الله تعالى وتبصير الناس بحقيقة الدين الخالص الذي بعث به المصطفى r , وإزالة ما قد علق في نفوس الناس من الشوائب والبدع المخالفة لهديه r , واختار -رحمه الله- إمارةعجمان لبثِّ دعوته, فسكن بها, وأسس بها مدرسة شرعية, أقبل عليها الطلاب من نواحي إمارات الخليج, ولا سيما من الإمارات المجاورة كالشارقة وأم القوين, كما قصدها بعض طلاب العلم النجديين للدراسة فيها والتلقي عن الشيخ -رحمه الله-, وقد أقام فيها سكناً للطلاب المغتربين, فكان -رحمه الله- ليس له همٌّ إلا القيام بنشر العلم في هذه المدرسة, والوعظ والإرشاد والتوجيه إلى التمسك بأهداب الدين القويم في المساجد والمحافل والمجالس العامة حتى ذاع صيته واشتهرت دعوته, وكتب الله تعالى له القبول في تلك البلاد, وبارك الله تعالى في علمه ودعوته, وانتفع الناس به انتفاعاً كبيراً, فقد بذل حياته, وكرَّس جهده في بث العلم والدعوة إلى الله تعالى ونشر مذهب السلف الصالح في ربوع الخليج, وكان -رحمه الله- أمَّاراً بالمعروف ناهياً عن المنكر, لا تأخذه في الله لومة لائم, شديداً على أهل البدع والمعاصي, مع حدة فيه, مما أثار خصومه وأعداءه عليه فتعرض في سبيل ذلك إلى بعض الأذى, فكان صابراً محتسباً ما أصابه في ذات الله تعالى .
وكان -رحمه الله- يميل في فتاواه وأجوبته الشرعية, وكذا في منهجه التعليمي إلى منهج المحدثين, تأثراً بمشايخه من علماء الحديث في الهند.
* تلاميذه:
لما افتتح الشيخ مدرسته في عجمان, وأخذ في نشر العلم واشتهر أمره في تلك الربوع, قصده الطلاب من سائر إمارات الخليج, ومن البلاد النجدية, فأخذ عنه العلم جم غفير, نفع الله تعالى بهم, فمن أشهر تلاميذه:
- الشيخ الداعية المشهور في الشارقة عبد الله بن علي المحمود .
- الشيخ عبد الله بن مطلق الفهد, من مدينة الرس إحدى مدن منطقة القصيم وقد تولى القضاء في رأس الخيمة, وتوفي بالرياض سنة (1375ﻫـ)([1]).
- الشيخ الداعية المشهور في جنوب المملكة العربية السعودية عبد الله بن محمد القرعاوي, المتوفى سنة (1389ﻫـ)([2]) .
- الشيخ/ عبد العزيز الراشد, المدرس بالمسجد الحرام, وصاحب كتاب ((تيسير الوحيين)) المتوفى سنة (1403ﻫـ) .
- الشيخ الداعية / عبد الله أبو يابس, من بلدة القويعية قرب مدينة الرياض, نزل مصر واستوطنها للدعوة إلى الله .
* وفاتــــــه:
بعد حياة حافلة بالعلم والدعوة إلى الله تعالى والأعمال الصالحة توفي الشيخ في عجمان في حدود سنة (1370ﻫـ) ولم يخلف عقباً, لأنه لم يتزوج رحمه الله تعالى رحمة الأبرار وأسكنه فسيح الجنان, وجزاه عما قدم للإسلام والمسلمين خير الجزاء.
وكتبه عـمـر بن محمـد السبيـل إمام الحرم المكي الشريف مكة المكرمة في 16/6/1418ﻫـ |
Attachment | Size |
---|---|
ترجمة الشيخ عبدالكريم البكري.pdf | 349.08 KB |